الوجود العسكري الروسي بسوريا.. أسبابه وأهدافه وأماكنه | الموسوعة
[ad_1]
تدخلت روسيا في الثورة السورية منذ انطلاقها عام 2011، ومن حينها وقفت إلى جانب النظام السوري وبقيت حليفا له خلال مواجهته للمعارضة السورية المسلحة، وفي المحافل الدولية التي عقدت لحل الأزمة السورية.
وحسب مركز جسور للدراسات هدفت روسيا من خلال تواجدها العسكري إلى “تحقيق مصالحها على المستوى الجيوسياسي مستفيدة من موقع سوريا الإستراتيجي المطل على البحر الأبيض المتوسط“.
وبلغ عدد المواقع العسكرية للقوى الخارجية في سورية حتى منتصف عام 2023 حسب دراسة أجراها مركز جسور للدراسات، 830 موقعا عسكريا، 105 منها مناطق تقع تحت السيطرة الروسية، تتوزع بين 20 قاعدة عسكرية و85 نقطة عسكرية.
بداية التدخل العسكري الروسي
دعمت روسيا النظام السوري منذ اندلاع الثورة ضده عام 2011 لوجستيا وعبر تحسين منظومته العسكرية، دون التدخل عسكريا، واستعملت حق النقض (الفيتو) ضد كل القرارات الدولية التي أدانت النظام السوري، وبقيت تنفي تدخلها في الأزمة قائلة إن وجودها سياسي لا أكثر، إلى أن سيطرت المعارضة السورية على ثلث البلاد، فطلب النظام من روسيا التدخل.
تدخلت روسيا عسكريا في الأزمة السورية نهاية سبتمبر/أيلول 2015 لوقف انتصارات المعارضة العسكرية المتتالية التي هددت وجود النظام في الشمال الغربي لسوريا.
ويقول الكرملين إن السبب الرئيسي للتدخل هو “المحافظة على مؤسسات الدولة السورية ومنع تحولها إلى بؤر للإرهاب”، وشرعنت موسكو وجودها قائلة إن النظام السوري هو من طلب منها ذلك.
وكشفت تصريحات لمسؤولين روس جانبا آخر من رغبة روسيا للتدخل العسكري منها رغبة روسيا بتجربة أسلحتها الخاصة والترويج لها. كما تدخلت لفرض تغيير في موازين القوى على الميدان لإجبار المعارضة على قبول التسوية السياسية وفق شروط النظام السوري.
أسباب التدخل الروسي العسكري في سوريا
أعلنت روسيا في وثيقتها “العقيدة البحرية” الثانية والثالثة أهمية عدة مناطق من بينها “الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط”، وذلك من أجل ضمان أمنها القومي كما تقول، مما يعني أن قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية على الساحل السوري تعدان ركنين أساسيين لروسيا لتطبيق خططها السياسية والعسكرية.
وبالنسبة لموسكو تعد سوريا من أهم الشركاء التجاريين في الشرق الأوسط، فهي تساهم بـ20% من إجمالي التجارة العربية الروسية، وساهمت أيضا بنسبة 7% من أجمالي التجارة العسكرية الروسية لعام 2010. إضافة إلى وجود صفقات عسكرية بينهما بلغت 4 مليارات دولار حتى عام 2013.
وتعتبر روسيا بقاء النظام السوري متعلقا ببقاء نفوذها في الشرق الأوسط، وهذا يفسر سبب وقوفها إلى جانب النظام ضد الثورة والمعارضين، واستعمالها حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي ودخولها عسكريا، بعدما تعرضت له إبان الأزمة الليبية وتدخل قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) وفرضها الوصاية على ليبيا بشكل أضر بالمصالح الروسية في البحر المتوسط.
المواقع العسكرية وانتشارها
بلغ عدد المواقع العسكرية الروسية في سوريا 105 مواقع عسكرية حتى منتصف عام 2023، منها 20 قاعدة عسكرية، و85 نقطة عسكرية، لا تشمل الحواجز والثكنات والدوريات العسكرية. وتنتشر المواقع في معظم سوريا، وتتركز أغلبها في حماة وعددها 17 موقعا، تليها مدينتا الحسكة واللاذقية بـ14 موقعا عسكريا لكل منهما.
وفي مدينة حلب 11 موقعا، وفي الرقة 8 وفي ريف دمشق 8، تليها 7 مواقع في السويداء، بعدها إدلب بـ6 مواقع ومثلها في دير الزور، وفي درعا 5 مواقع، وفي حمص 4، وفي دمشق قاعدتان ومثلها في طرطوس، وواحدة في القنيطرة.
ويطلق على الموقع العسكري “قاعدة عسكرية” عندما تجهز بمعدات عسكرية وعملياتية للدفاع والهجوم، وتكون بها وحدات عسكرية متخصصة بالدعم اللوجستي. ويطلق على الموقع “نقطة عسكرية” عندما يكون صغير الحجم وقليل العتاد والجنود.
وتتميز المواقع العسكرية الروسية باحتوائها على صنوف متنوعة من الأسلحة، وبتفوق سلاحي الطيران الحربي والاستطلاع فيها، وتتعاون القوات الروسية مع قوات النظام السوري والمنظمات المسلحة المدعومة من إيران.
كما تحدثت تقارير عن وجود قوات من مجموعة فاغنر الروسية على الأرض في سوريا بهدف تعزيز القوات البرية.
وفي مطار “باسل الأسد الدولي” يوجد مركز للعمليات المشتركة بين موسكو ودمشق وإيران، ومركز آخر للاستخبارات بين روسيا والعراق وسوريا وإيران.
القواعد العسكرية
قاعدة حميميم الجوية: تقع في اللاذقية، وتبلغ مساحتها 1.6 مليون متر مربع، ويشغل مهبطها الجوي قرابة 2800 متر مربع، وفيها قرابة 35 طائرة حربية، و80 طائرة بدون طيار، إضافة إلى طائرات تجسس ومروحيات هجوم ومنظومة صواريخ أس 400، وكذلك مركز استخبارات وقوات برية تتبع الجيش الرابع الروسي، مهمتها تنفيذ عمليات عسكرية ضد المعارضة السورية.
قاعدة طرطوس البحرية: نشرت فيها منظومة صواريخ أس 300، وتديره قوة مهام البحر الأبيض المتوسط، وتعد القاعدة منطقة انتشار روسيا الوحيدة في البحر المتوسط، مما يعني أنها تؤثر عبرها في موازين القوى في الشرق الأوسط. ومن خلال هذه القاعدة تستطيع روسيا رصد نشاط قوات الناتو.
قاعدة مطار القامشلي: تقع في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا، ويوجد فيها أكثر من 100 عسكري روسي بين خبراء وضباط مخابرات ومستشارين مع وجود محطات تنصت.
مطار الشعيرات: ويقع في ريف حمص، وجعله موقعه الإستراتيجي يؤمن تغطية جوية للمنطقة الوسطى في البلاد وأيضا لأكبر معمل روسي للغاز في سوريا “ستروي ترانس غاز”، إضافة لمناطق حقول الغاز المتنازع عليها في الداخل، وتتمركز فيه مروحيات مقاتلة.
مطار كويرس: فيه قوات برية ومحطات رادار متطورة تكشف الأهداف الجوية البعيدة، ويستعمل مهبطا احتياطيا للطائرات الروسية القادمة من شرقي سوريا.
جبل زين العابدين: ويضم قوات حرب إلكترونية مختصة في التشويش والتنصت، وفيها أيضا راجمات صواريخ متطورة.
إضافة إلى عدة أمكان أخرى تتمركز فيها منها مطار حماة العسكري وقاعدة إسطاو الجوية وتقع شمال حميميم ومطار تي 4 الواقع شرق حمص وقاعدة تدمر في ريف حمص الشرقي.
محطات
وفي محاولة لاستثمار النجاحات العسكرية بعد إعادة النظام السوري سيطرته على ريفي اللاذقية الشمالي والشرقي عام 2015 وأجزاء من ريفيْ حلب الجنوبي والشرقي، ضغطت موسكو باتجاه إحياء مفاوضات جنيف، بينما ضغطت واشنطن في اتجاه هدنة عسكرية تثبت الواقع العسكري الجديد، وقبلتها موسكو.
وبين 2015 و2018 خاض أكثر من 63 ألف عسكري روسي قتالا عسكريا، وشنت القوات الروسية الجوية 39 ألف طلعة، دمرت خلالها 121466 هدفا تصفه روسيا بأنه “إرهابي”، وقتلت أكثر من 86 ألفا، دون حساب القتلى المدنيين.
وبعد الهدنة العسكرية الأولى بدأت مرحلة التحضير لجولة جديدة من مفاوضات جنيف، لكن النظام السوري رفض أي حل سياسي، فتوترت العلاقات بين الدولتين، وفي محاولة للضغط على دمشق سحبت موسكو جزءا من قواتها من سوريا في اليوم نفسه الذي دارت فيه مفاوضات جنيف في مارس/آذار 2016.
من جهة أخرى لم تستطع روسيا الاتفاق مع أميركا على صيغة لمفاوضات جنيف فانهارت، وقررت روسيا استئناف عمليتها العسكرية، خاصة مع دخول أطراف أخرى عسكريا لسوريا مثل تركيا بعد معركتها “درع الفرات” في 2016.
بدأت روسيا قصفا مكثفا على حلب مستهدفة فصائل المعارضة كلها، وبعدها اندلعت معركة حلب، ومع استمرار فشل الاتفاق على هدنة بين جميع الأطراف، أكملت روسيا عمليتها العسكرية وانتشارها في كامل سوريا.
وعقدت روسيا وتركيا وإيران يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2016 اجتماعا في العاصمة الروسية موسكو، ضم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيريه التركي مولود جاويش أوغلو والإيراني محمد جواد ظريف، خصص لبحث الأزمة السورية. وغابت عن اجتماع موسكو المعارضة والنظام السوريان.
وأطلقت روسيا “إعلان موسكو” نهاية 2016 مع تركيا وإيران، وطرحت رؤيتها الخاصة لحل الأزمة السورية بعيدا عن اتفاقات “جنيف1” وتجنبت الحديث عن مصير الرئيس بشار الأسد، وقالت إن الأولوية لمكافحة “الإرهاب” لا لإسقاط الأسد.
تعرقلت المفاوضات الأممية لحل الأزمة السورية، وخلال هذه الفترة زادت روسيا من نفوذها العسكري، وقدر حجم الأسطول الجوي بنحو 100 طائرة مقاتلة وحربية ومروحية، مع وجود سلاح الاستخبارات الجوي.
وشملت القوات البرية كتيبة مشاة وناقلات جند مصفحة ودبابات مقاتلة وصواريخ أرض جو ومدفعيات وأنظمة حربية إلكترونية ووحدات برية. وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن التكلفة الرسمية للحملة العسكرية الروسية على سوريا بلغت 478 مليون دولار عام 2016.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تسبب القوات الروسية بمقتل أكثر من 6 آلاف مدني، بينهم قرابة ألفي طفل حتى عام 2018، وتسبب القوات أيضا فيما لا يقل عن 321 مجزرة، و954 حادثة اعتداء في أماكن مدنية.
تراجع الوجود العسكري الروسي
تراجع عدد المواقع العسكرية الروسية في سوريا من 132 إلى 105 بين عامي 2022 و2023، وأعادت نشر قواتها في كامل سوريا، وتعد الحرب الروسية على أوكرانيا السبب الأبرز في ذلك الانخفاض، فمن جهة أرادت موسكو نقل قواتها التي اكتسبت خبرات ميدانية في سوريا إلى أوكرانيا لتستفيد منها هناك، وأيضا لتركيز جهودها في الحرب هناك بعد الهدنة التي شهدتها سوريا بداية عام 2020.
ومن جهة أخرى، قلصت روسيا عدد قواتها في المنطقة بعد تمكنها من السيطرة على المواقع الإستراتيجية في سوريا، ووقف القوات الإيرانية من الانتشار فيها، خاصة في اللاذقية، وقلصت نفوذها في القنيطرة ودرعا فيما ازدادت القواعد الإيرانية فيهما، وذلك بسبب تقليص موسكو لالتزاماتها أمام إسرائيل بسبب دعم الأخيرة لكييف وتسليحها.
وفي التشكيلة الجديدة التي نشرتها بين عامي 2022 و2023، ركزت روسيا قواتها على الساحل السوري جهة البحر المتوسط، وحافظت على وجودها في المواقع التي تتموضع بها قوات التحالف الدولي شمالي شرقي سوريا، حيث ينتشر الغاز والنفط السوري.
وبعد معركة طوفان الأقصى التي اندلعت في قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتصعيد حزب الله في جنوب لبنان مع إسرائيل، أعادت روسيا ترسيخ وجودها العسكري في الجنوب السوري قرب درعا والقنيطرة القريبتين من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.
[ad_2]
Source link