إسرائيل وعقليّة الإبادة المغطّاة بالخطر الوجوديّ

0 3

[ad_1]

عندما يدعو أحد أبرز المؤرّخين الإسرائيليّين، بيني موريس، إلى استعمال السلاح النوويّ ضدّ إيران بدعوى منعها من الوصول إلى إنتاج قنبلة ذرّيّة، فهذا يشير إلى حضيض الانحدار الأخلاقيّ الّذي وصلته إسرائيل وطبقتها السياسيّة والعسكريّة والثقافيّة، في ضوء انتقال خطاب الإبادة الاستعماريّ الكامن في جوهر عقيدتها من القوّة إلى الفعل، وهي تنفّذ إحدى أبشع حروب إبادة الجماعيّة الّتي عرفها العصر الحديث ضدّ الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزّة.

موريس برّر في مقال نشرته “هآرتس”، الأسبوع الفائت، استعمال السلاح النوويّ لوقف المشروع النوويّ الإيرانيّ، من خلال الادّعاء أنّ إيران من شأنها استخدام السلاح النوويّ ضدّ إسرائيل في حال امتلاكه، على أمل أن تنجو من ضربة إسرائيليّة بعون اللّه، وأنّه حتّى لو لم تستعمل إيران هذا السلاح، فإنّ امتلاكه إلى جانب الرغبة المعلنة بإبادة إسرائيل سيشكّل عاملًا طاردًا لأيّ مستثمر أو قادم جديد إلى إسرائيل، إضافة إلى التسبّب بهرب الكثيرين منها.

ويعتقد موريس أنّه وبهذه الطريقة سيخبو نجم إسرائيل على وقع ضربات شبيهة بالسابع من أكتوبر، تشنّها إيران، وتنضمّ إليها لاحقًا تنظيمات، وربّما دول سنّيّة مجاورة دون أيّ ضمانة بأن تهبّ أوروبا وأميركا لنجدتها، لذلك فإنّه يدعو إلى استعمال السلاح النوويّ لتدمير المشروع النوويّ الإيرانيّ إذا لم يتسنّ ذلك بواسطة السلاح التقليديّ، وهو يتوقّع ردود فعل مستنكرة في الإعلام والجامعات والزعماء في العالم إلى جانب العديد من ردود الفعل المتفهّمة.

وبغضّ النظر عن النقاش حول ما إذا كان ضرب إيران بالقنبلة الذرّيّة سيوقف المشروع النوويّ أم لا، وهل سيؤمن ذلك بالتالي البقاء لإسرائيل أم لا، وهو ما يعيدنا إلى معزوفة “الخطر الوجوديّ” الّتي تبرّر بها إسرائيل عدواناتها على دول الجوار العربيّ وحروب الإبادة الّتي تشنّها ضدّ الشعب الفلسطينيّ، والّتي وصلت ذروتها بعمليّة الإبادة الجماعيّة الجارية في غزّة، فإنّ مجرّد التفكير والتصريح بقابليّة استعمال السلاح النوويّ لا يعكس أزمة أخلاقيّة فقط، بل يفضح أيضًا “عقليّة الإبادة” الّتي باتت تسيطر على الفكر السياسيّ الإسرائيليّ، كما يقول المؤرّخ آدم راز.

راز يكتب، إنّ إعلان نتنياهو بعد السابع من أكتوبر عن نيّته تحويل غزّة إلى خراب، حظي بشرعيّة من الجمهور الإسرائيليّ، ويشير إلى أنّ عمليّات القصف الجوّيّ الّتي وقعت خلال الأيّام الأولى للحرب، ولم تحظ بأيّ انتقاد من غالبيّة قوى اليسار بل العكس، وأنّه الآن فقط بدأ قادة سابقين مثل رئيس الموساد تمير باردو، يصرّحون علانية بأنّ تلك الغارات كانت عمليّة انتقاميّة بحت، وأنّها ساهمت فقط في توريط إسرائيل أكثر وإحباط قدرتها على تحقيق المكاسب الّتي كانت تسعى لتحقيقها، وهو ما كشفه جو بايدن في معرض ردّه على قول نتنياهو إنّ أميركا ألقت قنبلتين نوويّتين على اليابان انتقامًا لهجوم بيرل هاربر.

لكنّ المفارقة تكمن في أنّ حملة الانتقام الّتي تقوم بها إسرائيل هي من تقودها مباشرة إلى الخطر الوجوديّ الّذي تخلقه بنفسها من خلال جنونها الّذي لا يعرف حدودًا، على حدّ تعبير كارولين ليندسمان، الّتي تشير إلى تصريحات وممارسات مثل “تسوية غزّة بالأرض”، “تحويل بيروت إلى غزّة ثانية”، “مهاجمة إيران”، “السيطرة على محور فيلادلفيا”، “الاستخفاف بالمصريّين”، “الاستهتار بالأردنيّين”، “التعامل بوقاحة مع الأميركيّين” و”إشهار الإصبع الوسطى باتّجاه الأمم المتّحدة ومحكمة لاهاي”.

وفي غضون ذلك تزداد التهديدات ويشتدّ الوضع الأمنيّ خطورة إلى جانب تعاظم العزلة الدوليّة، ناهيك عن آلاف الأيتام الفلسطينيّين الّتي تدفع بهم إسرائيل إلى دائرة الانتقام، وبذلك فإنّ إسرائيل، كما تقول، تحفر قبرها بيدها، وتجرّ إليها يهود العالم أيضًا، كما تقول…



[ad_2]

Source link