دار الأيتام السورية في القدس.. من مأوى للأيتام العرب إلى تجمع استيطاني | الموسوعة

0 1

[ad_1]

دار أيتام مسيحية بروتستانتية ألمانية أنشئت في القدس، وهدفت إلى نشر المسيحية الإنجيلية، عملت لمدة 80 عاما بين عامي 1860 و1940، قدمت التدريب الأكاديمي والمهني لمئات الأطفال اليتامى والمُهجّرين من العرب.

المؤسس والنشأة

عام 1854م قدم المبشر اللوثري الألماني لودفيغ شنللر إلى القدس رفقة زوجته و6 تلاميذ آخرين ضمن البعثة البروتستانتية الألمانية، وبعد عام اشترى قطعة أرض في قرية لفتا المهجرة وسكن فيها، ولاحقا استقر داخل أسوار البلدة القديمة، ثم عاد إلى منزله الأول.

وعام 1860 سافر شنللر إلى بيروت إبان الحرب الأهلية بين الدروز والموارنة في لبنان وسوريا، وعاد مع 9 أولاد يتامى إلى القدس، ثم التحق بالدار 41 طفلا، وأخذ منزله يتسع، فأنشأ مطبخا وغرفة طعام وقبوا للتخزين وغرف نوم ومناطق معيشة، وبدأت الدار تستقبل فتيات يتيمات.

كانت المؤسسة -وفق بعض التقارير- تهدف إلى “نشر العقيدة الإنجيلية بين سكان الأرض المقدسة”.

ويؤمن الإنجيليون بالكتاب المقدس فقط مصدرا للمسيحية، وليس البابوات ولا التقاليد، كما أنهم لا يعترفون بسلطة البابا وحق الغفران وبعض عبادات وطقوس الكنيسة الكاثوليكية.

Syrian orphanage, front garden, around 1930 Photographer: Paul Hommel. State Church Archive, picture collection, No. N 1298 (www.wkgo.de)
مشهد للحديقة الخلفية لدار الأيتام السورية في ثلاثينيات القرن العشرين (موقع تاريخ كنيسة فورتمبيرغ على الإنترنت)

حظيت الدار المعروفة أيضا باسم “دار شنللر” بتمويل سخي من المجتمعات البروتستانتية في ألمانيا وسويسرا، وعام 1901 تبرع رجل ألماني بـ700 ألف مارك (العملة الرسمية لألمانيا الغربية حتى توحيد ألمانيا عام 1990) لإنشاء مدرسة للمكفوفين في دار الأيتام السورية، بلغت قدرتها الاستيعابية نحو 50 طفلا.

ويرجع تاريخ الإرساليات التبشيرية الألمانية في فلسطين إلى العام 1846م، فكان الراهبان فرديناند بالمر وكونراد شيك من أوائل المبشرين الذين وصلوا إلى القدس بدفع إرسالية الحجّاج لأخوّة سان كريشونا، وهي جمعية تبشيرية ألمانية أسسها كريستيان فريدرك شبتلر عام 1840م.

وتميز التبشير الألماني في أرض فلسطين بسعيه لنشر المسيحية من خلال نشاطات حِرفية وتجارية.

مرافق الدار

كانت للدار مطبعة خاصة ومعمل لتجليد الكتب، وأنتجت الكتب المدرسية الخاصة بها، وكتبا للمكفوفين بلغة برايل، كما كانت تطبع الصحف الألمانية.

وكانت فيها مطحنة دقيق ومخبز كان يُنتج 35 ألف رغيف في السنة، إضافة إلى مغسلة للملابس وتصليحها، وورشة نجارة، ومصنع للفخار، ومشتل، ومصنع للطوب والبلاط كان يُنتج مليون طوبة و250 ألف بلاطة سنويا.

وكان في المدرسة أيضا صهريج ماء وحديقة وساحة لعب ومتحف وكنيسة وغرفة قراءة.

ومن بين الكتب التي طبعتها الدار “ديوان حليم” و”ضجعة الموت أو بين أحضان الأبدية” و”السامريون” والرواية الفلسطينية الأولى لخليل بيدس “الوارث”.

The main building of the Syrian Orphanage Photographer: Paul Hommel. Regional Church Archive Stuttgart, picture collection, No. N 2866 (www.wkgo.de)
المبنى الرئيسي لدار الأيتام السورية كما كان خلال ثلاثينيات القرن العشرين (موقع تاريخ كنيسة فورتمبيرغ على الإنترنت)

معالم الدار

صمم المبنى المتعدد الطوابق على أيدي عمال فلسطينيين من بيت لحم وبيت جالا، واتخذ شكل حرف “أتش” (H)، وجمع بين النمط المعماري الألماني والعربي.

تعلو المبنى قبة، ونُقشت على واجهته آيات من سفر المزامير، وهي: “اَللهُ فِي مَسْكنِ قُدْسِهِ” و”لأَنَّكَ تُبْصِرُ الْمَشَقَّةَ وَالْغَمَّ لِتُجَازِيَ بِيَدِكَ. إِلَيْكَ يُسَلِّمُ الْمِسْكِينُ أَمْرَهُ”.

كما نُقش عليه اسم المؤسسة باللغتين العربية والألمانية، ونحت على واجهته صليب، وتعلو البرج أيضا ثلاثة أجراس، إضافة إلى مانع صواعق.

كان للدار تأثير قوي على الشرق الأوسط من خلال طلبتها الذين انتشروا في دول عديدة في المنطقة، إذ تعلموا الخياطة وصناعة الأحذية والأدوات المعدنية والفخار والنقش والنجارة وطلاء المباني وتزيينها والطباعة والزراعة وتنسيق الحدائق.

وضمت دار الأيتام السورية طلابا من فلسطين وسوريا ومصر وإثيوبيا وأرمينيا وتركيا وروسيا وإيران وألمانيا، وتلقوا تعليمهم باللغة العربية والألمانية على أيدي معلمين عرب وألمان، وبلغ عدد خريجيها حتى عام 1910 ما يناهز 1170 طالبا وطالبة.

بين الاحتلالين البريطاني والإسرائيلي

بحلول الحرب العالمية الثانية، رحّلت سلطات الانتداب البريطاني المعلمين الألمان، وحوّلت الدار إلى معسكر احتوى على أكبر مخزون للذخيرة في الشرق الأوسط، إضافة إلى مخزن للحبوب.

وفي حرب 1948 استولت عصابات الهاغاناه الصهيونية على المكان -الذي أصبح اسمه معسكر شنللر- وحوّلته إلى قاعدة للعمليات، وفي العام 1951 استدعى جيش الاحتلال ممثلي الكنيسة اللوثرية لإزالة القطع الأثرية من الكنيسة، وحوّلها إلى ملعب يلعب فيه الجنود كرة سلة، ثم افتتح في أحد مباني الدار كنيسا ظل في يد سلطات الاحتلال حتى عام 2008.

وعام 2009 كشف عن مذبح رخام مغطى بصندوق خشبي في المكان، فتفاوض اللوثريون لنقله إلى الكنيسة اللوثرية في مستشفى “أوغوستا فيكتوريا” شمال جبل الزيتون، ودشن هناك في نوفمبر/تشرين الثاني 2010.

عام 2011 تحوّل الموقع إلى مجمع سكني، إذ أذنت سلطة الأراضي التابعة للاحتلال بتطوير 218 شقة، ومنذ عام 2012 استخدم المبنى لتعليم المستوطنين المتدينين “الحريديم“، وأنشئ فيه موقع لتدريب أفراد الشرطة ومكان لتخزين النفايات.

[ad_2]

Source link