“فلسطينيو 48 والحرب على غزة”
[ad_1]
نظم مركز “مدى الكرمل” – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، مؤتمره السنوي للعام 2024 اليوم السبت في مدينة الناصرة، تحت عنوان “فلسطينيو 48 والحرب على غزة” بمشاركة عدد كبير من الأكاديميين والمثقفين والمحاضرين والنواب السابقين عن التيار الوطني وجمهور غفير.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وتخلل المؤتمر ثلاث جلسات، وشاركت في الجلسة الافتتاحية كل من مديرة مركز “مدى الكرمل” والباحثة في الدراسات النسوية، د. عرين هواري، المحاضر والباحث في العلوم السياسية والمدير الأكاديمي لبرنامج دعم طلبة الدراسات العليا في المركز، د. مهند مصطفى، الباحثة في القضية الفلسطينية والمشرفة على طلبة الماجستير في جامعة الأقصى بغزة، إلهام شمالي، التي قدمت مداخلتها عبر شاشة عرض وهي متواجدة داخل مخيمات النزوح في مدينة غزة المنكوبة.
وأدارت الجلسة الافتتاحية منسقة مؤتمر “مدى الكرمل” السنوي، جوانا جبارة، ودعت الحضور إلى الوقوف دقيقة حداد على الشهداء الفلسطينيين قبل بدء أعمال المؤتمر.
وفي كلمتها الافتتاحية، تحدثت د. هواري عن مساهمة “مدى الكرمل” كمركز للأبحاث في قراءة وتحليل ونشر أوراق عمل تحليلية وبحث في المواقف واستعراض الحالة بناء على المتغيرات.
وقالت هواري “قبل ذلك تستحق منا غزة ودير البلح ورفح ومخيم الشاطئ وكل مدن وقرى ومخيمات غزة وشبابها وشاباتها وأطفالها ومسناتها ورجالها ومدارسها ومساجدها ومستشفياتها وجامعاتها وأحيائها وأمواتها ومصابوها ومن هم تحت أنقاض بناياتها، وكل من يعيش في ظل الإبادة غير المتوقفة السافرة والسافلة وغير الخجلة في عريّها، كلهم يستحقون منا أن نصرخ ونناضل من أجل وقف الحرب ودعم صمودهم الأسطوري بإرادتهم أو بقلة حيلتهم”.
كما تطرقت إلى الصمت والعجز والخوف البارز في موقف العرب الفلسطينيين في الداخل والذي يصل إلى حد التواطؤ، بعد كل ما تعرضوا له من قمع وظلم لم يستثن أحدا في بداية الحرب حين عبروا عن آرائهم سواء إن كانوا عمالا أو موظفين أو أكاديميين مرموقين مثل د. نادرة شلهوب كيفوركيان، أو مدراء أقسام في أكبر المستشفيات أو فنانات مشهورات. وقالت “واجبنا أن نقف في مواجهة بعض زملائنا في الأكاديميات الإسرائيلية لفضح المنظومة الاستعمارية في حين يُطلب منا التعبير عن ولائنا لدولتهم لا لشعبنا الرازح تحت الإبادة”.
ومن إحدى خيام النزوح في غزة، تحدثت إلهام شمالي وهي باحثة وطالبة دكتوراة شاركت وظيفتها البحثية في سمينار “مدى الكرمل” للدراسات العليا قبل ثلاث سنوات، إذ سلطت الضوء على الحالة غير الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة في ظل تحديات حالة الفقر والعوز والبطالة التي ولدت العنف الأسري وأدت الى التشريد ونزوح أكثر من 1.5 مليون غزي عن بيوتهم وتوقف جهاز التعليم بالكامل وانعدام الأمن الغذائي في مراكز الإيواء.
وقالت شمالي “نعيش هنا في الخيام بأدنى مقومات الحياة، وأكثر من عشرة آلاف امرأة استشهدن منذ بداية الحرب بمعدل استشهاد امرأتين كل ساعة، وأفظع ما تخضع له المرأة الغزية هو التفتيش العاري في ظل حرب وحشية تهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني ومنعه من القدرة على المطالبة بحقوقه الجماعية لا بل إلى جعله يرحل”.
وتحدثت شمالي عن تدمير الجامعات والمدارس ونسف ست جامعات بالكامل بعد أن استخدمت كثكنات عسكرية ومراكز اعتقال من قبل الاحتلال.
وتحدث د. مصطفى عن حوارات دارت بينه وبين أصدقاء ومعارف من غزة، كانوا يسألونه عن دور فلسطينيي 48 مما يحدث في غزة؟ وقال “حاولت أن أرتدي عباءة الباحث في محاولة مني لإخفاء الحقيقة المرّة والمخجلة، من خلال تبرير ظروفنا وحساباتنا وموازين الربح والخسارة وخصوصيتنا. قال لي هل تعلم أن هناك إبادة جماعية تحدث في غزة؟ هل تخافون من دفع الثمن في ظل القتل الجماعي والتدمير المنهجي لقطاع غزة؟ لماذا لم تتحركوا كما تحركتم في أيار/ مايو 2021؟ فمنذ أيار/ مايو 2021 هذا هو نموذج فلسطينيي 48 في فهمهم لنا”.
وأضاف “انتهى الحديث بعد نقاش طويل لم أشعر خلاله بالانتماء لنفسي وذاتي، وقال لي في نهاية الحديث لماذا لم تشعروا بأنكم جزءا منا؟ غزة لن تنسى لكم هذا الموقف!”.
وتابع مصطفى “في الأشهر الثلاث الأولى للحرب سادت في صفوفنا وبين قياداتنا حالة من الخوف لم نجرؤ معها على اختبار مواطنتنا، وكنا نعلم بأن مواطنتنا لن تحمينا، زعمنا في السنوات الأخيرة بأننا نصلح لقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية وأننا أكثر من فهمنا إسرائيل الاستعمارية والاستيطانية بشكل جيد، والحقيقة هي أننا فعلا فهمنا إسرائيل، وكلما تعمقنا في الفهم ازداد خوفنا، لكننا لم نبن أي مشروع سياسي بناء على هذا الخوف، لذلك لا يوجد تفسير لحالة الصمت هذه سوى الخوف فهي ليست مقاومة ولا حكمة، وهنا أتساءل هل خوفنا هذا يجعلنا نتكيف مع حالة إبادة وهل الخوف يبرر التكيف مع نكبة ثانية؟”.
وبين الجلسة الافتتاحية والجلسة الأولى استعرض النائب السابق والباحث في العلوم السياسية في “مدى الكرمل”، د. إمطانس شحادة، نتائج بحث يقرأ في مواقف فلسطينيي الداخل تجاه الحرب على غزة، والآثار الاقتصادية للحرب على العائلة العربية، إذ أظهر البحث أن 60% من العائلات العربية تضررت اقتصاديا من آثار الحرب، و15% من المتضررين تعطلوا عن العمل بالكامل، بينما 31% تراجع دخلهم بشكل جزئي.
وقال إن “أماكن العمل تحوّلت في ظل الحرب إلى أماكن تحريض ووشاية ضد العرب، وكذلك الجامعات والمؤسسات الأكاديمية، وعن أنماط الاستهلاك لدى العرب فلم يلاحظ تغيرا جوهريا، فقد استمر العرب بالتسوق في البلدات اليهودية ربما لعدم وجود بدائل، لكن فقط 13% من العرب تغيرت أنماط الشراء والتسوق لديهم”.
ولفت شحادة إلى أنه “بخصوص الشعور بالأمن الشخصي والأمان فقد تراجع الشعور بالأمن الشخصي لدى العرب بنسبة 24%، وهو خوف نابع من اعتداء الشرطة أو اعتداء مواطنين يهود على مواطنين عرب. 51% من المواطنين العرب يرون بأن الحل السياسي الأمثل هو حل الدولتين، و15% يرون بأن الحل يكمن في دولة واحدة للشعبين. 39% من العرب يؤيدون الاندماج الكامل في مؤسسات الدولة، بينما 31% يؤيدون بناء مؤسسات عربية وطنية لتنظيم المجتمع. 31% من العرب يرون بأن الصمت وعدم الاحتجاج والتظاهر هو تصرف حكيم ومسؤول، و48% قالوا إنهم ليسوا على استعداد للمشاركة في أي نشاط احتجاجي ضد الحرب”.
وشارك في الجلسة الأولى للمؤتمر الباحثة والمحاضرة في علم الاجتماع السياسي د. هنيدة غانم، والناشط الطلابي الأكاديمي يوسف طه، والمحامي والناشط السياسي محمد عواد، بينما أدار الجلسة طارق خطيب.
واستعرضت د. غانم من خلال مداخلة بعنوان “صحوة الأميرة النائمة: قراءة في خطاب اليسار الصهيوني”، كيفية تعاطي اليسار الصهيوني مع أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والحرب على قطاع غزة، وقدمت لمحة عن شكل اليسار من رؤية فلسفية وتبني اليسار الإسرائيلي شكلا من أشكال الصهيونية الاشتراكية الذي حاول من خلاله التعامل مع القضايا منذ تأسيس الدولة وتأطيرها بمفاهيم معاداة السامية وممارسة العماء تجاه مبدأ المساواة والحرية الذي يميز التيارات اليسارية، وهو بمثابة العمود الفقري في ميثاقها، وقد أبقت سياسات اليسار الصهيوني الاشتراكي العرب خارج أسوار “الغيتو” الذي بنته لنفسها.
واستعرض طه في مداخلته بعض المعطيات عن جهاز التعليم في غزة، وعن نسب الطلاب العرب في الأكاديميات والجامعات الإسرائيلية، وقال إن “80% من قطاع التعليم في غزة مدمر بالكامل، وأن أكثر من 6650 طالبا استشهدوا في الحرب بالإضافة إلى مئات الطلاب الجامعيين وأكثر من 94 محاضرا وأستاذا جامعيا استهدفتهم آلة القتل الإسرائيلية”.
وأضاف أن “الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية يشكلون 19% من مجمل الطلاب الجامعيين، ويبلغ عددهم بالتحديد 61,550 من أصل 332 ألف طالب أكاديمي، وقبل أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت الحراكات الطلابية تستعيد نشاطها ودورها الذي فقدته منذ تأسيس ’القائمة المشتركة’، خاصة بعد التحريض الأرعن الذي تعرضت له في العام 2022 وتحديدا بعد إحياء ذكرى النكبة في جامعتي ’بن غوريون’ في بئر السبع وجامعة تل أبيب ورفع الأعلام الفلسطينية داخل حرمي الجامعتين”.
وقال إنه “بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تعرض الطلاب الجامعيون العرب وخصوصا الفتيات منهم، لحملة ملاحقة جرى خلالها تحويل 150 طالبا عربيا إلى لجان الطاعة وفصل 50 منهم واعتقال البعض، وقد استهدفت الحملة الانتقامية العمل السياسي في الجامعات، وكانت إدارة جامعة حيفا السباقة بطرد الطلاب العرب من مساكن الطلبة لجعل النشاط الطلابي يقتصر على الدفاع عن النفس وضمان دخول وخروج الطلاب العرب بسلام من الجامعة إزاء مظاهر التسلح في صفوف الطلاب اليهود”.
وكان المحامي عواد آخر المتحدثين في الجلسة الأولى، وقدم مداخلة تحت عنوان “فلسطينيو 48 وصفقة التبادل بين مواطنة العدو والمواطنة العارية”، تحدث فيها عن علاقة النظام الإسرائيلي بالمواطن العربي بحيث لا تختلف عن علاقتها بسائر الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، فهي تنظر إليه كعدو وتختزل وجوده ومواطنته إلى مواطنة عارية وليست كاملة.
ومن أجل تجسيد العلاقة العدائية بين نظام الدولة (الجماعة السياسية) والمواطن الفلسطيني، تطرق عواد في مداخلته إلى إدراج فتيات وطالبات عربيات ضمن صفقة تبادل الأسرى في سبيل الإفراج عن أسرى إسرائيليين، على اعتبار أن الفتيات العربيات اللاتي اعتقلن هن ضمن فئة الأعداء وليس المواطنين.
وتحدثت في الجلسة الثانية للمؤتمر النائبة السابقة، حنين زعبي، والباحث في مركز “مدى الكرمل”، حبيب مخول، وطالب الدكتوراة جاد قعدان، بينما أدار الجلسة علي مواسي وافتتحها بأبيات شعرية.
وتحت عنوان “التحول المؤجل في جزيرة الـ48 حين نهاب السياسة”، قدمت زعبي مداخلتها حول “لحظة غزة” التي تطرح أسئلة حول جدارة الفلسطيني بالحياة في ظل الإبادة، وحول مفهوم ومعنى الإنسانية وحالة الارتباك التي سيطرت وما زالت تسيطر على الشعور بالانتماء لشعب يتعرض للإبادة ومشاعر الخجل وتأنيب الضمير إزاء الحدث المهول وصدمة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والتي أظهرت “القوة المعجزة” أي إسرائيل بأنها قوة عاجزة وهشة جعلتها تخشى على وجودها.
وقالت إنها أجرت مراجعات لكل ما كتب في ونشر واتخذت 30 عينة “بودكاست” لآراء طرحت في موقع “عرب 48” لكتاب ومحللين كاختبار حقيقة علاقة الداخل مع غزة التي تنتهك وتباد أمام أعينهم، ووجدت ثلاث خطابات أساسية أولها مدعاة الحماية، أي لكي أحمي نفسي يجب أن أنفصل عن اللحظة باللا فعل أي بعدم فعل أي شيء، دون خجل ودون تأنيب ضمير بحيث تتم أدلجة حالة الخوف. ثانيا “الخطاب المرتبك” المتمثل بالحماية بمنظور وطني أي الحماية الوطنية. وثالثا “المشروع التحرري” ونحن جزء من مشروع تحرري.
وقدم مخول مداخلة تحت عنوان “قصة العم توم: فلسطينيو 48 والهامشية السياسية”، تطرق فيها إلى تفضيل الكثير من الفلسطينيين في الداخل البقاء على الهامش وعدم المشاركة في أي حراك يدعو لوقف الحرب، وقارن الحالة الفلسطينية بحالة “العم توم” وهو الرجل الأسود الذي يريد أن يصبح أبيض ويعيش في منزل سيده بحيث لا يعود ينتمي إلى جماعته ويتنكر لأصله لدرجة أنه لا يعود يرى أن له حياة بدون سيّده. وهو النموذج الذي يعكسه مخول على الحالة الفلسطينية واصفا الفلسطينيين في الداخل بأنهم عبيد المنزل مقابل فلسطينيي الشتات الذين يشبههم بعبيد الحقل، وقد أثار هذا التشبيه جدلا خلال الفقرة التي خصصت للأسئلة ومداخلات الحضور.
واختتمت الجلسة بمداخلة لطالب الدكتوراة قعدان تحت عنوان “كيف نفهم الإبادة الجماعية؟” تحليل نصوص مجلة “فسحة – ثقافية فلسطينية” تحدث فيها عن أشكال الموت العبثي الذي يتعرض له أهالي غزة بحيث تمحى ذكراهم ولا يحظون بتخليد ذكراهم ولا حتى بطقوس الدفن ويتحولون الى مجرد أرقام في احصائيات تعداد القتلى.
[ad_2]
Source link