هل الأبوة والأمومة فطرة أم مهارة مكتسبة؟ وهل أصبحت دورات “الوالدية” حاجة؟ | أسرة
[ad_1]
تزدحم وسائل التواصل الاجتماعي بموضوعات ونصائح حول أساليب التربية السليمة والحديثة، لكنها -وبغض النظر عن مدى مصداقيتها- غالبا لا تكفي، ذلك أن الأبوة والأمومة أهم وأصعب وظيفة في العالم، وفق خبراء.
ويتولى كثيرون مسؤولية الأبوة أو الأمومة بدون معرفة مسبقة عن رعاية الأطفال وأساليب تربيتهم، عدا ما شاهدوا ذويهم يفعلونه، ولهذا يظنون أن هذه المهمة مسألة غريزية يمكن التعامل معها بسهولة، فيقعون في دائرة المتاعب التي لا تنتهي.
من جانبهم، يؤكد الخبراء أن “الوالدية” الناجحة ليست هبة فطرية بل مهارة يمكن تعلّمها، وذلك من خلال دخول دورات تعليمية ينصح بأخذها خلال الاستعداد لمرحلة الإنجاب، ومتابعتها لاحقا بما يتناسب مع مراحل نمو الطفل، وليس إثر حدوث مشكلات تربوية معينة يواجهها الطفل.
كيف تغيرت طرق التربية المعتادة؟
في تقرير نشره موقع “ذي أتلانتيك” الأميركي، تقول فايث هيل “لا أحد يعرف كيفية تربية الأطفال عبر الغريزة وحدها. فحتى منتصف القرن الـ20 تقريبا، ربما كانت أساليب تربية تبدو بديهية إلى حد ما، لأن كثيرين نشؤوا وهم يراقبون تقديم الرعاية طوال الوقت، ليس فقط من الوالدين وإنما من الآخرين أيضا، وكانت الأسر الممتدة أكثر ميلا إلى العيش معا، وربما ساعدت العمات والأعمام والأجداد في تربية الطفل، وكان لدى العديد من الأطفال الأكبر سنا فرص كبيرة للمساعدة في رعاية الأطفال الأصغر سنا أيضا”.
كما أن الطرق التي اعتاد الناس على تعلم التربية بها بدأت تشهد تغييرات كبرى، وبات الوصول إلى بدائل لسد الفجوات أمرا صعبا، في وقت يكافح فيه العديد من الآباء والأمهات لمعرفة كيفية التربية الصحيحة بأنفسهم.
وفي العصر الحديث الذي غابت فيه هذه الميزات، لا يُقبل الكثيرون على دورات “الوالدية” حتى يواجهوا مشاكل لم يفكروا بها.
الطفل يكبر.. والوضع يتغير باستمرار
تقول أستاذة تعليم الأبوة والأمومة بجامعة ولاية أوريغون شونا توميني إنها كانت تقوم بتدريس الأطفال الصغار ودراسة تنمية الطفل، كما ساهمت في وضع عدد من دورات الأبوة والأمومة قبل أن تصبح أما. ورغم كل هذه الخبرة، فإنها لا تزال تمر بلحظات تشعر فيها بالعجز التام بعد أن رزقت بطفل.
وأقرت بأنه بغض النظر عن قدوتك أو “عدد الكتب التي قرأتها”، فإن الأبوة والأمومة عملية ديناميكية وتجارب غالبا ما تكون فردية، لا يمكن للفصول الدراسية أن تغطيها، لكنها يمكن أن تساعد. كما يمكن للعائلات تبادل التجارب فيما بينها بدلا من الاكتفاء بالبحث عن النصائح عبر الإنترنت.
هل تصبح دورات الوالدية متطلبا للزواج؟
وانتشرت البرامج الوالدية منذ ستينيات القرن الـ20، ومع التطور الاجتماعي الحاصل في العالم بدأت هذه البرامج تتخذ مكانة أهم في وقتنا الحاضر.
وترى المستشارة الأسرية والمرشدة المجتمعية همسة يونس أن البرامج الوالدية أصبحت متطلبا رئيسيا في حياة كل أم وأب، وتضيف في حديثها للجزيرة نت “أرى أنها من الضروري أن تكون متطلبا أساسيا لكل المقبلين على الزواج أيضا”.
وتشكل البرامج الوالدية -التي تؤخذ قبل الإنجاب- تدخلا مبكرا يعزز الجانب الوقائي في عملية التنشئة الأسرية والاجتماعية، ما من شأنه أن يسهم إلى حد كبير في عملية الوقاية من المشكلات السلوكية والاجتماعية والنفسية التي قد يواجهها الوالدان مع أبنائهم في مختلف مراحلهم العمرية.
فالتدريب على الوالدية، إضافة إلى تقديم الدعم والعلاج في الوقت المناسب، يعزز من النواتج الإيجابية المعرفية والسلوكية والنفسية لدى الأطفال والمراهقين، وفق يونس.
وتؤكد المستشارة الأسرية والمرشدة المجتمعية أن “العديد من الدراسات تشير إلى أنه كلما تطور نمط الوالدية بشكل إيجابي، انخفض مستوى المشكلات العاطفية والاجتماعية والسلوكية لدى الأطفال الصغار، وبالتالي نحن نؤسس لمراهقة أكثر إيجابية مستقبلا”.
ما مهارات الوالدية الفعالة؟
ويشكل افتقار الوالدين لمهارات الوالدية الفعالة عائقا حقيقيا أمام عملية النمو والتطور السليم للطفل، وأهم أسباب ذلك هو تركيز انتباه الوالدين على السلوك السلبي للطفل مما يعزز السلوك السلبي لديه، ويعمل على إطفاء السلوك الإيجابي بالتدريج.
وتلفت يونس إلى أن البيئة الأسرية المفعمة بالحب والتقبل، والحرص على تدريب الطفل، وإكسابه المهارات الذاتية والحياتية والاجتماعية والنفسية، تشكل بيئة خصبة لتنشئة طفل بمستوى عالٍ من الصحة النفسية والمهارات الاجتماعية.
ويعتبر التطور السريع والانفتاح غير المقنن حاليا في المجتمعات مصدرا رئيسيا للعديد من التحديات التي تواجه الوالدين في التعامل مع أبنائهم، سواء كانوا أطفالا أو مراهقين، وهنا تظهر الأهمية الكبيرة والخطيرة للبرامج الوالدية التي تزود الوالدين بمهارات الوالدية الفعالة مما يساعدهم على إدارة تلك التحديات بمرونة عالية.
هل نحتاج لبرامج الوالدية في الوطن العربي؟
ويظل السؤال، متى يجب على الوالدين اللجوء لاختصاصي نفسي أو مرشد تربوي؟ وما مدى الحاجة لبرامج الرعاية الوالدية في المنطقة العربية؟
ترد يونس “بالتأكيد يختلف احتياج كل أسرة لتلك البرامج الوقائية والعلاجية تبعا للبيئة التي ينشأ فيها الأبناء، إضافة إلى ضرورة مراعاة المستويات المتفاوتة لكل أسرة، من حيث: التعليم، والثقافة، والمستوى المادي، ونوعية الصعوبات التي يواجهها الوالدان مع أبنائهم”.
وتضيف، “تعد الحاجة لمراكز أسرية تؤهل الوالدين وتكسبهم مهارات التربية الإيجابية، ملحة ومصيرية لا يمكن التهاون فيها، سواء على المستوى الإرشادي الوقائي أو العلاجي، وهذا يتطلب دعما من حكومات الدول لارتفاع التكلفة المتعلقة بإنشاء هذه المراكز، وتوفير البرامج المطلوبة والمتخصصين القائمين عليها”.
يونيسيف تدعو لإعادة تصور الأمومة والأبوة
وفي شأن متصل، يحتاج الوالدان إلى وقت يقضونه مع أطفالهم، لكن كثيرين لا يحظون بإمكانية الحصول على الخدمات التي تمكنهم من تعلم مهارات الأبوة والأمومة أو الاعتناء بصحتهم النفسية، ولا يملك كثيرون خيارا سوى العمل لساعات طويلة لدعم عائلاتهم.
ومن هنا يرى صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أننا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة تصور الدعم الذي نقدمه للوالدين بحيث يكون لديهم الوقت والموارد والخدمات لمنح الأطفال أفضل بداية للانطلاق في هذه الحياة.
وتدعو “يونيسيف” -في بيان نشرته على موقعها الرسمي- الحكومات والشركات والمجتمعات المحلية إلى الاستثمار في توسيع نطاق برامج الأبوة والأمومة والسياسات الصديقة للأسرة، خاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل، وفق المقترحات التالية:
- السياسات الصديقة للأسرة: منها إجازات الأبوة والأمومة مدفوعة الأجر، إذ تُعتبر العلاقات الإيجابية بين الوالدين والطفل في السنوات الأولى أمرا حيويا لتعزيز نمو الدماغ ورفاهية الأطفال وصحتهم النفسية على مدى الحياة.
- دورات الأبوة والأمومة: يمكن لمجموعات دعم المجتمع المحلي منح الوالدين الدعم الذي يحتاجان إليه لتعلم المهارات وكسب النصائح العملية والإرشادات حول التربية الإيجابية، ورعاية أولياء الأمور ودعم رفاهيتهم وصحتهم النفسية.
[ad_2]
Source link