هل ترفع المدن عالية الكثافة نسب وفاة سكانها؟ | علوم

0 5

[ad_1]

أظهرت دراسة جديدة أن المدن الأكثر اخضرارا والأقل كثافة سكانية لديها معدلات وفيات أقل، ومستويات تلوث هواء أقل، وتأثير جزيرة حرارية أقل في المناطق الحضرية، ولكن مع بصمة كربون أعلى للفرد. في المقابل، فإن المدن المدمجة عالية الكثافة لديها معدلات وفيات أعلى، وفقا للنتائج التي نشرت في الثالث من يوليو/تموز في مجلة “ذا لانسيت بلانيتري هيلث”.

وبحسب وكالة حماية البيئة الأميركية، فإن الهياكل الحضرية مثل المباني والطرق والبنية التحتية الأخرى تمتص حرارة الشمس وتعيد بثها أكثر من المناظر الطبيعية مثل الغابات والمسطحات المائية، وتتحول المناطق الحضرية إلى “جزر” ذات درجات حرارة أعلى مقارنة بالمناطق الريفية المحيطة بها، ولذلك تحمل اسم “الجزر الحرارية”، وإذا كانت المدن تمتلك نسبة منخفضة من المساحات الخضراء مع ارتفاع معدلات التلوث الذي يؤثر سلبا على جودة الهواء، فإن ذلك في مجمله يؤثر في معدلات الوفيات، بحسب الدراسة.

المدن المدمجة تميل إلى أن تكون ذات كثافة عالية في مناطق المشاة، وكثافة معتدلة لممرات الدراجات، وقلة توافر المناطق الطبيعية الخضراء. (بيكساباي)
المدن المدمجة تميل إلى أن تكون ذات كثافة عالية في مناطق المشاة، وكثافة معتدلة لممرات الدراجات، وقلة توافر المناطق الطبيعية الخضراء. (بيكساباي)

المكونات الحضرية

وقام الباحثون من معهد برشلونة للصحة العالمية بدراسة 919 مدينة أوروبية من خلال تصنيفها إلى 4 تكوينات حضرية أساسية في القارة: مدن مدمجة عالية الكثافة السكانية، ومدن مفتوحة منخفضة الارتفاع ومتوسطة الكثافة السكانية، ومدن مفتوحة منخفضة الكثافة السكانية، ومدن خضراء منخفضة الكثافة السكانية.

ويقصد بالمدينة المدمجة أو المتراصة، النموذج الحضري المرتبط بكثافة سكانية كبيرة، مع ما يترتب على ذلك من تداخل في استخدامات الهياكل الحضرية (المنازل والمتاجر والخدمات) مع نشاط حركة المشاة وراكبي الدراجات ومستخدمي وسائل النقل العام.

توضح المؤلفة المشاركة في الدراسة “تمارا إيونجمان” -الباحثة في معهد برشلونة للصحة العالمية- أن هذه المدن محل الدراسة مدرجة في قاعدة بيانات التدقيق الحضري الأوروبي لعام 2018. ولأغراض البحث، قسم الفريق مساحة كل مدينة إلى 5 حلقات متحدة المركز لإجراء تحليل مفصل لكل من المتغيرات.

وباستخدام الأقمار الصناعية، تمكن الباحثون من دراسة تكوين كل حلقة من هذه، وتصنيفها باستخدام أدوات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، لاستخراج التصميم والاستخدام المقصود لكل شارع من قاعدة بيانات “خريطة الشوارع المفتوحة” لدمجها مع البيانات بشأن حجم حركة المرور التي أمكن الحصول عليها من قاعدة بيانات “خريطة النقل المفتوحة”.

وقالت “إيونجمان” في تصريحات لـ”الجزيرة نت” “بسبب محدودية توفر بيانات درجة حرارة الهواء المحيط (الهواء المحلي)، اختار الفريق استخدام درجة حرارة سطح الأرض لحساب تأثير جزيرة الحرارة السطحية كمؤشر لتأثير جزيرة الحرارة الحضرية، من خلال حساب الفرق في القيمة بين درجة الحرارة في المدن وظهيرها الريفي”.

كمؤشر لتلوث الهواء، حصل الباحثون على مستويات ثاني أكسيد النيتروجين في طبقة الغلاف الجوي من القمر الصناعي “سينتنل-5 بي”، واستخرجت بيانات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قاعدة البيانات المفتوحة لثاني أكسيد الكربون الناتج عن النشاط البشري. بالإضافة إلى ذلك، حصل الفريق على معدلات الوفيات لأسباب طبيعية على مستوى المدينة من الدراسات السابقة باستخدام قاعدة بيانات “يوروستات”، وفقا لبيان صحفي رسمي منشور من قبل معهد برشلونة للصحة العالمية.

ويعتقد المؤلفون أن نموذج المدينة المدمجة قد يكون هو النموذج الأمثل لمدن المستقبل مع ضرورة التغلب على بعض التحديات التي تواجه استدامة هذه المدن من خلال تقليل الاعتماد على السيارات، أو إمكانية المشي أو الوصول إلى الخدمات وفرص التفاعل الاجتماعي، وزيادة المساحات الخضراء.

أظهرت المدن ذات الكثافة الخضراء المنخفضة أدنى تأثير للجزر الحرارية الحضرية ومستويات تلوث الهواء، مما أدى إلى انخفاض معدلات الوفيات (بيكساباي)
أظهرت المدن ذات الكثافة الخضراء المنخفضة أدنى تأثير للجزر الحرارية الحضرية ومستويات تلوث الهواء، مما أدى إلى انخفاض معدلات الوفيات (بيكساباي)

 

الجزر الحرارية الحضرية 

توضح المؤلفة المشاركة في الدراسة أنه من بين أنواع المدن الأربع، أظهرت المدن المدمجة ذات الكثافة السكانية العالية، والمفتوحة ذات الكثافة المتوسطة أعلى تدفقات حركة المرور، مما أدى إلى أعلى مستويات التعرض السلبي لتلوث الهواء وتأثير الجزر الحرارية الحضرية، ومن ثم، سجلت هذه المدن أيضا أعلى معدلات الوفيات. لكن الباحثة تضيف في تصريحاتها أن الصورة ليست قاتمة تماما في هذا النوع من المدن، إذ أدى تركيز السكان والخدمات في مساحة أصغر (منطقة الأعمال المركزية في قلب المدينة) إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة، لذا فإن المدن المدمجة تتسم أيضا بانخفاض البصمة الكربونية للأفراد.

في المقابل، أظهرت المدن المنخفضة ذات الكثافة الخضراء أدنى تأثير للجزر الحرارية الحضرية ومستويات تلوث الهواء، مما أدى إلى انخفاض معدلات الوفيات. ومع ذلك، باعتبارها مناطق حضرية مترامية الأطراف، فإنها تتطلب تنقلات أطول وأقل كفاءة في استخدام الطاقة، مما يجعلها النوع الأكثر تكلفة من المدن من حيث البصمة الكربونية للفرد. 

وتبين من الدراسة أن المدن المدمجة صغيرة المساحة كثيفة السكان تميل إلى أن تكون ذات كثافة عالية في مناطق المشاة، وكثافة معتدلة لممرات الدراجات، وقلة توفر المناطق الطبيعية الخضراء. يدخل ضمن هذا التصنيف الحضري أكبر عدد من السكان في أوروبا بإجمالي أكثر من 68 مليون نسمة. وتعتبر مدن برشلونة في إسبانيا، وميلانو في إيطاليا، وباريس في فرنسا، وبازل في سويسرا، من أبرز الأمثلة على هذا التصنيف الحضري. وتميل المدن من هذا النوع إلى سهولة حركة التنقل لمسافات قصيرة، حيث إنها عادة ما تتسم بوجود شبكات نقل عام كثيفة وبنية تحتية للمشي وركوب الدراجات. لهذه الأسباب، برزت المدينة المدمجة في الدراسات الحديثة باعتبارها النموذج النظري الأمثل لتعزيز المدن الأكثر صحة واستدامة.

وتتميز المدن المفتوحة منخفضة الارتفاع ومتوسطة الكثافة بمساحات صغيرة وكثافة سكانية متوسطة وكثافة طرق أعلى نسبيا. كما تتوفر فيها مناطق المشاة وطرق الدراجات والمناطق الخضراء بنسبة متوسطة مقارنة بأنواع المدن الأخرى. وتمثل هذه الشريحة من المدن، بروكسل في بلجيكا، ودبلن في أيرلندا، ولايبزيغ في ألمانيا.

في المقابل، تتميز المدينة الخضراء منخفضة الكثافة بمساحة كبيرة مع كثافة سكانية منخفضة، مع ترامي أطرافها ووفرة مناطق المشاة ومسارات حركة الدراجات والمساحات الخضراء الطبيعية المندمجة مع الأجزاء المركزية للمنطقة الحضرية. تمثل مدن هلسنكي في فنلندا، وآرهوس في الدانمارك، وستوكهولم في السويد، أبرز مدن هذه المجموعة.

[ad_2]

Source link