هل تنجح سياسات بنك اليابان المركزي في إنقاذ الين؟

0 2

[ad_1]

خاص

بنك اليابان

بنك اليابان

يشهد الين الياباني منذ أشهر انخفاضاً حادا ًمقابل الدولار الأميركي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ 38 عاماً، ما دفع مهتمين وخبراء اقتصاديين للتكهن بإمكانية تدخل بنك اليابان المركزي في السوق لوقف نزيف العملة.

وعلى الرغم من اتخاذ بنك اليابان بعض الخطوات للتخفيف من حدة انخفاض الين، مثل شراء السندات اليابانية إلا أن هذه التدابير لم تفلح حتى الآن في وقف نزيف العملة، فهل يملك البنك أدوات كافية لإنقاذ الين من الانحدار المستمر؟  

هبط الين إلى 160.82 مقابل الدولار الأربعاء مخترقاً الرقم القياسي السابق البالغ 160.03 في 29 أبريل ووصل إلى أضعف مستوى له منذ عام 1986، وفقاً لبيانات FactSet لكنه ارتفع الخميس 0.3 بالمئة إلى 160.33 للدولار في التداولات الآسيوية معوضاً بعض خسائره.

وكان الين قد اخترق مستوى 160 للمرة الأولى منذ شهرين، مما دفع الحكومة اليابانية إلى التدخل لتعزيز العملة لأول مرة منذ عام 2022، بحسب تقرير نشرته شبكة (سي إن بي سي) الأميركية واطلعت عليه سكاي نيوز عربية.

 وتراجعت العملة اليابانية نحو اثنين بالمئة في هذا الشهر و12 بالمئة منذ بداية العام الجاري مقابل الدولار إذ استمر الفارق الكبير في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليابان في الضغط على الين بالحفاظ على جاذبيته لتنفيذ عمليات مضاربة باقتراض المستثمرين بعملة بسعر فائدة منخفض واستثمار العائد في أصول ذات عوائد مرتفعة.

وقال وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي إن البلاد “تشعر بقلق عميق بشأن تأثير العملات الأجنبية على الاقتصاد” وستتخذ الإجراءات “الضرورية”.

وأكدت وزارة المالية اليابانية أنها أنفقت 9.7885 تريليون ين (62.25 مليار دولار) على التدخل في العملة في الفترة بين 26 أبريل و29 مايو الماضيين.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة اليابانية مثل هذا الإجراء للسوق منذ أكتوبر 2022، وفقاً لسجلات الوزارة.

تكثيف التحذيرات

ونقلت الشبكة لأميركية عن كارول كونغ، الخبيرة الاقتصادية واستراتيجيات العملات في بنك الكومنولث الأسترالي، “أننا قد نكون أقرب إلى تدخل آخر في سوق العملات، إن بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة لشهر مايو – المقرر إصدارها يوم الجمعة – قد توفر حافزاً لليابان للتدخل إذا كانت أقوى من المتوقع وتدفع زوج دولار/ين USD/JPY إلى الارتفاع بشكل حاد.

 وأشارت كونغ إلى أن الانخفاض المستمر في الين دفع كبير دبلوماسيي العملات الياباني ماساتو كاندا إلى تكثيف التحذيرات.

وقال كاندا للصحفيين الأربعاء: “من المسلم به عموماً أن ضعف الين الحالي غير مبرر بالضرورة، وبالتالي يُعتقد أنه مدفوع بالمضاربين”.

تغيّر هيكلي في الاقتصاد

وفي حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أوضح نضال الشعار الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين في شركة “ACY” أن الاقتصاد الياباني كان وعلى مدى أكثر من 35 عاماً من حيث النظرية مخالفاً لعدد كبير من المفاهيم الاقتصادية السائدة في الغرب لجهة انخفاض معدلات التضخم والفائدة والنمو في الرواتب والأجور، وكان ذلك مستمداً من الثقافة اليابانية وتقاليدها في الإدارة المعيشية للأفراد والمؤسسات وأعراف العمالة والتوظيف التي سادت في البلاد خلال الفترة السابقة”.

وجاءت جائحة كورونا وبعدها التوترات الجيوسياسية في الغرب لتحدث تغييراً هيكلياً واضحاً في البنية الاقتصادية للكثير من البلدان والتي أغلبها يعتبر شريكاً مع اليابان، وفي مواجهة هذا التغيير الهيكلي استخدمت اليابان الجانب النقدي لامتصاص واستيعاب هذه التغييرات وبدا ذلك واضحاً في أسعار صرف الين مقابل العملات الأخرى مرجحة بذلك تحقيق استفادة للشركات اليابانية المصدرة على حساب مستوردات اليابان من الخارج والتي ارتفعت قيمها بأكثر من الثلث إلى النصف، بحسب تعبيره.

وأردف بقوله: “اليابان الآن أمام معضلة اقتصادية واضحة فها هو الين يهبط إلى مستويات غير مسبوقة ليتجاوز 160 يناً للدولار، والتضخم بدأ بالظهور ومن المتوقع أن يتجاوز 2 بالمئة، كما أنه من المتوقع أن تنخفض مبيعات التجزئة وذلك بسبب الضغط السعري على المستهلك نتيجة ارتفاع أسعار المستوردات وأولها الطاقة والغذائيات في ظل معدل أجور شبه ثابت إذ يرتفع قليلاً وهو ما يترك الاقتصاد الياباني في وضع مربك حيث أن ذلك لا بد أن يكون له تأثير على الطاقة الإنتاجية والتصديرية اليابانية على المدى المتوسط الأجل على الأقل وأعتقد أن المركزي الياباني يعي المشكلة المقبلة”.

إجراءات تعيد الاقتصاد إلى التوازن

لكي تكون اليابان قادرة على حل هذه المعضلة، فأشار الشعار إلى ضرورة أن تقوم بإجرائين يتعلقان بمشكلة العوائد على السندات وسعر صرف الين وهما:

  • التخفيف من عمليات التيسير الكمي وشراء السندات الخاصة والحكومية.
  • رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم وإحداث نوع من التوازن في سعر صرف الين من خلال تخفيف الفجوة ما بين أسعار الفائدة في اليابان والدول الأخرى وخصوصاً الدول الشريكة.

ولكن هل يمكن لليابان القيام بالإجراءات الكفيلة بإعادة الاقتصاد إلى حالة التوازن؟

الشعار طرح السؤال وأجاب عليه في الوقت ذاته قائلاً: “نعم، لدى اليابان شعباً وحكومة القدرة على تحقيق ذلك من خلال الاستمرار بالاستثمار في العقلية اليابانية الصبورة فيما يخص معدلات التضخم ومعدلات نمو الرواتب والأجور، ومن الجانب النقدي استخدام الهامش الكبير الذي تشكل وهو الفرق ما بين أسعار الفائدة المحلية والعالمية بمعنى أن اليابان لديه القدرة على رفع أسعار الفائدة وفي الوقت ذاته دعم الين الياباني كما حصل في شهر أبريل الماضي، بالإضافة إلى تقييد عمليات شراء السندات وتحديد ذلك ضمن هامش مرن كما حصل في الولايات المتحدة الأميركية”.

ويرى كبير الاقتصاديين في شركة “ACY” أن “الين لن يستمر بالتراجع لأنه إذا وصل إلى عتبة خطرة سنرى نتائجها قريباً في معاناة المستهلك الياباني وانخفاض مستوى الطلب الكلي وأعتقد بأن البنك المركزي الياباني على علم ومعرفة بأن الاقتصاد لا يمكن أن يستمر فقط بسبب التصدير إلى الخارج وإنما هناك معايير اقتصادية داخلية قد تكون أكثر أهمية وتأثيراً”.

فجوة أسعار الفائدة

من جهته، قال علي حمودي الخبير الاقتصادي، الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في “ATA Global Horizons” في حديثه لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية: “على الرغم من تصريح وزير المالية الياباني بأن بلاده ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن الين مع انخفاضه إلى أدنى مستوياته منذ عام 1986، لكن التصريح لم يساعد كثيراً الين حتى الآن، ولا ننسى أيضاً أن الين ظل في تراجع مستمر خلال السنوات الثلاث الماضية وفقد ما يقرب من ثلث قيمته منذ عام 2021”.

وعادة ما ترتفع قيمة العملة أو تنخفض بالنسبة للعرض والطلب في السوق، لذا فإن أحد العوامل وراء انخفاض الين هو قيام المستثمرين ببيعه والاستمرار في بيعه، خاصة بسبب الفرق بين أسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك اليابان المركزي، بحسب تعبيره.

وذكر أن سعر الفائدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يبلغ حالياً 5.25 بالمئة إلى 5.50 بالمئة بينما يبلغ سعر الفائدة في بنك اليابان نحو 0.10 بالمئة، ولسنوات عديدة، أبقت اليابان أسعار الفائدة منخفضة أو سلبية لتشجيع الإنفاق الاقتصادي وتعزيز الإقراض المصرفي، مشيراً إلى أن اليابان وفي وقت سابق من هذا العام، عكست سياستها النقدية لسعر الفائدة السلبية بعد 17 عاماً بسبب مخاوف التضخم.

إنقاذ الين من الانحدار

 والسؤال هل يملك بنك اليابان أدوات كافية لإنقاذ الين من الانحدار المستمر بشكل تقني ومباشر؟ يجيب حمودي على التساؤل بقوله: “نعم يملك بنك اليابان أدوات كافية لإنقاذ الين، لكن تأثيره الإيجابي على الين ربما يكون لمدة وقتية قصيرة، أي في حال تدخل البنك بشكل مباشر في سوق العملة – الفوركس لدعم الين عن طريق شرائه وقد يتفق مع بنوك مركزية كبرى أخرى لفعل نفس الشي”.

لكن بنك اليابان المركزي يمتلك عدة أدوات وسياسات ممكن أن يستخدمها للتصدي للتحديات التي تواجه قيمة الين والاقتصاد ومع ذلك، قد يواجه البنك تحديات في محاولة إنقاذ الين من الانحدار المستمر بسبب عدة عوامل، بحسب الرئيس التنفيذي ورئيس الاستثمار في “ATA Global Horizons”: الذي استعرض عدة عوامل يجب مراعاتها بشأن قدرة البنك المركزي الياباني على تحقيق ذلك وهي:

  • المتغيرات الاقتصادية، إذ تعتمد قدرة المركزي الياباني على تحقيق أهدافه على التصورات الدقيقة للوضع الاقتصادي والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الياباني، وال تغيرات في النمو الاقتصادي والتضخم قد تؤثر على فعالية إجراءات البنك المركزي.
  • مرونة السياسة النقدية، فالمركزي الياباني يمتلك مرونة في سياسات الفائدة والتحفيز النقدي ويمكن استخدامها لدعم الين، ولكن قد تكون هناك حدود لمدى تأثيرها على وضع العملة.
  • التأثيرات الدولية، حيث تمثل التحركات في الأسواق العالمية والتطورات النقدية عوامل تؤثر على القوة النقدية للين، وقد تكون هذه التأثيرات خارجة عن سيطرة بنك اليابان.
  • السياسات الاقتصادية الشاملة، إذ قد تحتاج اليابان إلى سياسات اقتصادية شاملة تتجاوز السياسات النقدية فقط لضمان استقرار الين والاقتصاد بشكل عام.

ويرى حمودي أن بنك اليابان المركزي يمتلك أدوات لتدعيم الين والاقتصاد لكن تحقيق ذلك يعتمد على الظروف والتحديات الراهنة، مع أهمية توخي الحذر واتباع استراتيجيات مناسبة للتصدي للتحديات المتغيرة وضمان الاستقرار الاقتصادي.

[ad_2]

Source link