أزمة انقطاع الكهرباء في مصر بين واقع صعب ووعود لا تتحقق | اقتصاد
[ad_1]
القاهرة – يترقب المصريون تنفيذ الحلول التي أعلنتها الحكومة لإنهاء انقطاع الكهرباء عبر خطة عاجلة لحل الأزمة المتفاقمة في عموم البلاد، وتبلغ تكلفة هذه الخطة نحو 1.18 مليار دولار، لتوفير الوقود اللازم لاستقرار عمل شبكات الكهرباء وتقليل فترات الانقطاع.
وعد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الثلاثاء الماضي، في اجتماع عاجل، بإنهاء الأزمة مع حلول الأسبوع الثالث من يوليو/تموز المقبل، بعد تعاقد الحكومة على شحنات وقود (غاز مسال بقيمة مليار دولار ومازوت بقيمة 180 مليون دولار)، ولكن حتى تصل الشحنات الجديدة سوف تستمر سياسة تخفيف الأحمال بمعدل ساعتين يوميا.
وعن خطة الحكومة لوقف انقطاع الكهرباء بعد انتهاء شهور الصيف، أوضح مدبولي أنه خلال الشهور المتبقية حتى نهاية العام سيتم العمل على تقليل تخفيف الأحمال من خلال خطة واضحة وتدبير مبالغ إضافية، ما يعني عودة انقطاعها مجددا.
أرجع مدبولي أزمة تخفيف الأحمال إلى عدة أسباب:
- مشكلة تدبير الوقود والموارد الدولارية.
- زيادة الاستهلاك بسبب جهود التنمية.
- الزيادة السكانية المطردة.
- ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة.
إلا أنه أشار إلى سبب آخر يتعلق بزيادة عدد ساعات قطع الكهرباء خلال بعض الأيام الماضية، وهو عطل بأحد حقول الغاز في إحدى دول الجوار لم يسمها (في إشارة إلى إسرائيل) وخروجه من الخدمة لمدة 12 ساعة.
تزايد الاعتماد على الغاز الإسرائيلي
تجنب ذكر اسم إسرائيل أثار تساؤلات حول الشفافية والإستراتيجية المصرية بشأن مدى اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي، الذي قدره بعض المتخصصين بنحو 18%، وكجزء من إستراتيجية الحكومة بعدم إثارة الرأي العام الذي يشعر بغضب شديد تجاه أزمة انقطاع الكهرباء من جهة، وتجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من جهة أخرى.
بدأت مصر استيراد الغاز من إسرائيل للمرة الأولى مطلع عام 2020، بموجب واحدة من كبرى الصفقات التي وقعها البلدان لاستيراد 85 مليار متر مكعب من الغاز على مدى 15 عاما بنحو 19.5 مليار دولار.
كما أثار حديث رئيس الوزراء المصري عن الضغوط لتدبير الموارد الدولارية لشراء الوقود تساؤلات بشأن عشرات مليارات الدولارات، التي جمعتها مصر من تعهدات التمويل الدولي وصفقة “رأس الحكمة” قبل 3 شهور.
ترحيب وتوجس
لاقت الخطة الحكومية ترحيبا واسعا في الشارع المصري، لكن مشاعر القلق تُخَيّم على البعض من أن تكون هذه الوعود مجرد تكرار لوعود سابقة لم تُنفذ، ما يثير تساؤلات حول فعالية الخطة وقدرتها على إنهاء الأزمة بشكل قاطع.
رصد مراقبون ومتابعون وعود الحكومة السابقة بشأن انتهاء أزمة تخفيف الأحمال:
- 19 يوليو/تموز 2023: وعدت الحكومة بانتهاء تخفيف الأحمال نظرا للموجة الحارة. لم يتحقق ذلك.
- 28 سبتمبر/أيلول 2023: أعلن مصدر مسؤول عن “انتهاء أزمة انقطاع الكهرباء خلال أيام مع تراجع درجات الحرارة وتحسن إمدادات الوقود.
- 3 ديسمبر/كانون الأول 2023: ذكرت مصادر مطلعة أن تخفيف الأحمال سيقتصر على ساعة واحدة بدلا من ساعتين قبل نهاية الشهر.
لكن يبدو أن تأمين كميات إضافية من الوقود لتشغيل محطات الكهرباء على مدار 24 ساعة ليست كافية، إذ فرضت الحكومة خطة لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، اعتبارا من مطلع الشهر المقبل، مثل:
- غلق المحلات التجارية والمولات الساعة العاشرة مساء.
- غلق الصيدليات، والسوبر ماركت، والمطاعم الساعة الواحدة صباحا.
- مطالبة المواطنين بتطبيق عمليات الترشيد داخل المنازل ومختلف المنشآت.
إسرائيل والدولار وعلاقتهما بالأزمة
أشاد الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان المصري سابقا محمد فؤاد بعقد مؤتمر صحفي بخصوص الأزمة، وقال “المكاشفة جزء مهم من حل الأزمة، ولكن الأمر لا يعفي من وجود سوء إدارة في التخطيط للطاقة وفي إدارة العجز”.
واستبعد، في تصريحات للجزيرة نت، أن تكون هناك أزمة في تدبير الأموال اللازمة لشراء شحنات الوقود، لكن الأمر يتعلق بترتيب الأولويات لدى الحكومة، خاصة مع حصول مصر على تدفقات بعشرات المليارات.
وأرجع فؤاد نقص الطاقة لتشغيل محطات الكهرباء إلى تحول مصر من دولة لديها اكتفاء إلى دولة لديها عجز، وهذا يعود إلى سوء التخطيط وسوء إدارة العجز، وأصبحت هناك فجوة بين الإنتاج والاستهلاك تقدر بنحو مليار قدم مكعب يوميا، وهو رقم غير مؤكد أو دقيق.
وأشار البرلماني السابق في الوقت نفسه إلى أن الاستيراد وحده لن يحل أزمة انقطاع الكهرباء ويجب وضع حلول طويلة الأمد، مثل زيادة عمليات البحث والتنقيب ودخول آبار جديدة في الخدمة، وسداد مستحقات الشركاء الأجانب.
ورأى أن عدم تسمية رئيس الوزراء لاسم الدولة التي تزود مصر بالغاز وتعطل بها أحد حقول الإنتاج ربما يتعلق برغبة الحكومة بعدم الزج باسم تلك البلد في الأزمة من ناحية، ومراعاة مشاعر المصريين الغاضبين من العدوان على غزة من جهة أخرى.
تغير في وضع الطاقة بمصر
هناك تحول كبير في وضع الطاقة بمصر، حسب الباحث المتخصص في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية خالد فؤاد، فقد قال إن “هناك تغيرا كبيرا في وضع الطاقة بمصر، يتمثل في توجيه وارداتها من الغاز الإسرائيلي إلى السوق المحلي بالكامل، بدلا من إعادة تصديرها مرة أخرى، بسبب انخفاض إنتاج حقل ظهر الذي يؤمن 40% من إنتاج مصر”.
هذا التحول أثار، حسب تصريحات فؤاد للجزيرة نت، تساؤلات بشأن مدى اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي في الوقت الراهن، وكم يمثل من الاستهلاك المحلي، وبالعودة إلى حجم واردات مصر من الغاز الإسرائيلي البالغ 1.1 مليار قدم مكعب يوميا، وحجم الاستهلاك المحلي البالغ حوالي 6.1 مليار قدم مكعب، فإنه يشكل حوالي 18% من الاستهلاك الإجمالي.
وتوقع أن ترتفع تلك النسبة بناء على آخر اتفاقية لزيادة صادرات الغاز الإسرائيلية لمصر إلى 1.5 مليار قدم مكعب يوميا، أي ما يمثل تقريبا من 20% إلى 25% من احتياجات البلاد من الغاز، مشيرا إلى أن هذا الوضع يمثل خطرا على أمن الطاقة المصري بسبب أبعاده الجيوسياسية، واستخدام الغاز كأداة سياسية للضغط على مصر.
ولم يستبعد الباحث في شؤون الطاقة أن يتكرر قطع إمدادات الغاز الإسرائيلي عن مصر خلال الفترة المقبلة، لكنه أشار إلى أن توجه القاهرة لاستيراد شحنات من الغاز المسال مرة أخرى كان نابعا من إدراكها خطر الاعتماد على غاز إسرائيل، إلا أنه جاء متأخرا ومعقدا ومكلفا حتى إذا توفرت المخصصات المالية بسبب زيادة الطلب عليه.
وطالب الحكومة المصرية بتأمين مصادر متنوعة للغاز الطبيعي لمواجهة الأزمة المتوقعة منذ فترة، والموازنة بين زيادة الإنتاج والحفاظ على حالة الآبار المنتجة، والتعامل مع ملف الطاقة من منظور جيوسياسي، وليس من منظور اقتصادي فقط.
أرست مصر عطاء لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم خلال الصيف، وذلك بعلاوة 1.6-1.9 دولار عن السعر القياسي لمنصة تجارة الغاز الهولندية، وفق ما نقلت رويترز عن مصادر تجارية.
[ad_2]
Source link