محمود الدماصي.. قصة ملهِمة لشاب أنتج 30 بحثا واختراعين في “البيروفسكايت” | علوم

0 4

[ad_1]

كأي شاب متفوق كان محمود الدماصي الحاصل على بكالوريوس العلوم بجامعة الزقازيق “شمال شرق القاهرة”، يتمنى الانضمام إلى أعضاء هيئة التدريس بالكلية، لكنه لم يتمكن من تحقيق هذا الحلم، حتى جاءت ثورة يناير في مصر، لتعيد له الأمل من جديد بتعيينه في معهد بحوث البترول ضمن تعيينات أوائل الخريجين التي صدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء آنذاك.

وخلال عمله بالمعهد أعد الدماصي أطروحة الماجستير في مجال البوليمرات والإضافات البترولية، غير أن حاجزا نفسيا تشكّل بينه وبين الدراسات البترولية دفعه إلى تغيير مجال الاهتمام إلى الطاقة الشمسية، ليحصل على درجة الدكتوراه في خلايا “البيروفسكايت” من مركز هلمهولتز برلين للمواد والطاقة في برلين، وينشر في هذا المجال البحثي قرابة 30 بحثا، ويحصل على براءتي اختراع.

نقلة نوعية سريعة حدثت في مسيرة الدماصي بالانتقال من معهد بحوث البترول بالقاهرة إلى مركز هلمهولتز برلين بألمانيا (محمود الدماصي)
نقلة نوعية سريعة حدثت في مسيرة محمود الدماصي بالانتقال من معهد بحوث البترول بالقاهرة إلى مركز هلمهولتز برلين بألمانيا (محمود الدماصي)

وبلهجة لا تخلو من حماس يقول الدماصي في حديث خاص مع “الجزيرة نت”: “تكنولوجيا البترول أصبحت ناضجة بما يكفي، بحيث أصبحت مساحة الإبداع فيها محدودة، فضلا عن أن استخراج تلك الطاقة يسبب تلوثا للبيئة من ناحية، كما أنه مكلف ماديا ويحتاج للاستعانة بخبرات أجنبية من ناحية أخرى، بينما الطاقة الشمسية غير ملوثة للبيئة، ولا تزال التكنولوجيات الخاصة بها غير ناضجة بما يكفي، وتتطلب مزيدا من الإبداع، فضلا عن أن مساحات الصحاري شاسعة في مصر، وبها طاقة شمسية تنتظر أفضل استغلال لها”.

ويضيف: “خلال زياراتي لإحدى شركات البترول في صحراء مصر الغربية، هالني كيف أن مساحتها الشاسعة وشمها الساطعة وسماءها الصافية غير مستغلة لإنتاج الطاقة الشمسية، وعندها قررت التحول نحو هذا المصدر المهم”.

نموذج معملي لخلايا "البيروفسكايت" الشمسية التي يعمل الدماصي على تطويرها (محمود الدماصي)
نموذج معملي لخلايا “البيروفسكايت” الشمسية التي يعمل الدماصي على تطويرها (محمود الدماصي)

التعلّم الذاتي.. منحة ألمانيا

لم يكن هذا التحول بالأمر اليسير على باحث كانت أبحاثه وأطروحته في الماجستير بمجال البترول، لذلك كان عليه أن يعتمد على التعلم الذاتي عبر القراءة والحصول على برامج تدريبية عن بعد، وأهله ذلك بعد محاولات مضنية للحصول على منحة كباحث للدكتوراه بمركز هلمهولتز برلين للمواد والطاقة بألمانيا، لتبدأ في 2019 أول فصول قصة نجاح الدماصي في مجال الطاقة الشمسية، وتحديدا خلايا “البيروفسكايت” الشمسية التي كانت موضوعا لأطروحته في الدكتوراه.

ومادة البيروفسكايت المكتشفة لأول مرة عام 1839 بجبال الأورال في روسيا، صُنّعت أول خلية شمسية منها في عام 2011، وكانت كفاءتها 3.5%، وذلك بعد أن أثبت العلماء في 2009 خصائصها الكهروضوئية، وسميت بهذا الاسم تيمنا بمكتشفها ليف بيروفسكي عالم الفلزات الروسي.

ولم يكن توجه الدماصي للعمل على تلك الخلايا اختياريا، إذ إن أغلب الفرق البحثية في معهد هلمهولتز برلين للمواد والطاقة بألمانيا تعمل عليها، في محاولة للدفع نحو إحلالها مكان خلايا السيليكون الشمسية لأسباب بعضها “سياسي”، وهو ما يتوقع الدماصي حدوثه خلال أعوام قليلة، إذ إن مستقبل الطاقة الشمسية في رأيه سيكون لخلايا البيروفسكايت.

يقول الدماصي: “قبل البيروفسكايت كانت هناك محاولات لتصنيع خلايا الطاقة الشمسية باستخدام المواد العضوية والمواد الصبغية، غير أنها لم تتمكن من تحقيق ثلاث مزايا تحققها خلايا السيليكون هي: الكفاءة في تحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء بنسبة تترواح بين 22 و26%، والعمر الطويل الذي يتعدى الـ20 عاما، وأخيرا التكلفة القليلة مقارنة بما يتم الحصول عليه من طاقة باستخدامها على المدى الطويل”.

وعلى الرغم من أن خلايا السيليكون الشمسية مُرضية من حيث تحقيق تلك المزايا الثلاث، فإن سيطرة الصين على سوق تلك الخلايا بنحو 90% من الإنتاج العالمي، يدفع الغرب إلى الاهتمام بتطوير خلايا البيروفسكايت لإيجاد بديل عن خلايا السيليكون.

المرونة، أحد أبرز مزايا خلايا البيروفسكايت التي تؤهلها للعديد من التطبيقات (المختبرات الفيدرالية السويسرية لعلوم وتكنولوجيا المواد)
المرونة أحد أبرز مزايا خلايا البيروفسكايت التي تؤهلها للعديد من التطبيقات (المختبرات الفدرالية السويسرية لعلوم وتكنولوجيا المواد)

الأسباب الاقتصادية.. مدخل آخر للاهتمام

وعلى الرغم من أن السياسة حاضرة بقوة في هذا الاهتمام الغربي، فإن ذلك لا يعني غياب الأسباب الاقتصادية.

يقول الدماصي: “إذا كانت خلايا السيليكون تحقق الكفاءة وطول العمر ورخص السعر، فخلايا البيروفسكايت مرشحة لأن تكون أكثر كفاءة وأرخص في السعر، ويظل العنصر الثالث وهو طول العمر، نقطة التميز لخلايا السيليكون حتى الآن، ولكن ما يعوّض غياب هذا العنصر هو أن البيروفسكايت تُعطي إمكانية لتطبيقات أشمل من السيليكون، فضلا عن أن تصنيعها سهل للغاية”.

وبينما تحدّ صلابة خلايا السيليكون من تطبيقاتها، فإن مرونة خلايا “البيروفسكايت” تجعلها مرشحة للاستخدام على نطاق واسع في العديد من التطبيقات، كأن تُستخدم مثلا في حقائب المدارس، وتُصنع هذه الخلايا بطريقة سهلة للغاية، على عكس خطوات تصنيع خلايا السيليكون المعقدة بهدف الوصول بالمادة الخام إلى درجة عالية من النقاء.

ويُشبّه الدماصي إنتاج خلايا البيروفسكايت بإعداد “المضاد الحيوي” للأطفال، حيث يكون إنتاجها عبر إذابة مواد مثل الرصاص وثاني أكسيد التيتانيوم أو أكسيد الزنك في مذيب، ليُنتج محلولا أشبه بزيت الأكل، يُحول باستخدام جهاز الطرد المركزي إلى غشاء يُصنع منه الخلايا الشمسية.

ويقول: “كما ترى الإنتاج سهل للغاية، ولا يحتاج لتكنولوجيات معقدة، لذلك أتوقع أن تخرج تلك الخلايا من النطاق المعملي إلى سوق الطاقة الشمسية قريبا لتسيطر على هذا السوق (خلال فترة من 5 إلى 10 سنوات)، لأن الفرق البحثية وبعد حسم عامل الكفاءة بالوصول إلى 27%، يما يتجاوز السيليكون بنحو 1%، تعمل حاليا على عنصر عُمر الخلايا للوصول إلى معدل مناسب يجعل إنتاج تلك الخلايا مُجدٍ اقتصاديا بالمقارنة مع السيليكون”.

ويشرح الدماصي تلك المعادلة بأنه إذا وصل لمعدل إنتاج الكهرباء بالكيلووات، يكون مجديا اقتصاديا على المدى الطويل، فقد تقود حسابات الجدوى الاقتصادية حينها إلى أن عمر 10 سنوات سيكون مجد اقتصاديا إذا وضعنا في الاعتبار سهولة الإنتاج وعامل الكفاءة.

اختراع الدماصي الجديد الذي يتيح إنتاج خلايا "البيروفسكايت" في درجات حرارة منخفضة (محمود الدماصي)
اختراع الدماصي الجديد الذي يتيح إنتاج خلايا “البيروفسكايت” في درجات حرارة منخفضة (محمود الدماصي)

نتائج مذهلة في زمن قليل

ويبلغ عمر أبحاث خلايا البيروفسكايت نحو 15 عاما فقط تحققت خلالها نتائج مذهلة. ومنذ التحق الدماصي بمعهد هلمهولتز برلين للمواد والطاقة بألمانيا في عام 2019، استطاع خلال 5 سنوات أن يكون فاعلا في هذا النشاط البحثي من خلال أطروحته للدكتوراه ونحو 30 بحثا منشورا في هذا المجال، إضافة إلى براءتي اختراع صدرت إحداهما مؤخرا وتتعلق بجهاز يساعد على إنتاج خلايا البيروفسكايت في درجة حرارة منخفضة.

ويشرح الدماصي فكرة جهازه قائلا: “نحتاج لاستخدام مذيبات لإذابة المواد المستخدمة في إنتاج خلايا البيروفسكايت، وبعض المذيبات -مثل الكحوليات- رغم أنها يمكن أن تعطي نتائج أفضل تصب في صالح كفاءة الخلايا؛ فإننا لا نتمكن من استخدامها، لأنها تتطاير أثناء تنفيذ تلك العملية في درجة حرارة الغرفة، لكن الجهاز الجديد يسمح لنا بالإنتاج في درجات حرارة منخفضة يمكن التحكم في معدلها، وبالتالي نستطيع استخدام أي نوع من المذيبات”.

[ad_2]

Source link