الرسم فسحة للتفريغ النفسيّ عن الأطفال في ظلّ الحرب

0 3

[ad_1]

في مراكز إيواء مختلفة بقطاع غزّة، يعيش نحو 2 مليون نازح فلسطينيّ ظروفًا صعبة يفتقدون فيها لسبل العيش الكريم، فيما تنتشر بينهم الأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ ونقص المياه والغذاء…

في مركز إيواء بمخيّم النصيرات وسط قطاع غزّة، تساعد الفنّانة التشكيليّة رنا صيدم إحدى الفتيات على تعلّم فنون الرسم كجزء من نشاط تعليميّ تنفّذه بشكل فرديّ، للتخفيف من وطأة الحرب الإسرائيليّة.

وتجد صيدم (25 عامًا) في ممارسة الرسم وتعليم فنونه للآخرين وسيلة فعّالة للهروب من الظروف المعيشيّة القاسية الّتي أنتجتها الحرب المستمرّة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي.

الفنّانة الفلسطينيّة أطلقت مؤخّرًا المبادرة بالتعاون مع إدارة مركز الإيواء الّذي لجأت إليه عقب قصف منزلها بمخيّم النصيرات.

وتعتقد أنّ المبادرة تساهم بتفريغ الطاقة السلبيّة لدى النازحين خاصّة الأطفال وتخفيف التوتّر والضغوط النفسيّة الّتي تراكمت لديهم تحت جحيم الحرب.

المبادرة لاقت إقبالًا لافتًا من النازحين خاصّة الأطفال داخل مركز الإيواء، والّذين لا يجدون عادة أيّ مجال للانخراط بالأنشطة التعليميّة أو الترفيهيّة غير هذه المبادرات القليلة الّتي يطلقها أفراد.

استعادة الشغف

في إحدى غرف مركز الإيواء، يمارس نازحون من بينهم أطفال الرسم بمساعدة صيدم في أجواء حيويّة مليئة بالسعادة الّتي كانت واضحة على وجوههم.

وهي تجلس بين مجموعة منهم، تقول صيدم: “شعرت في فترة نزوحي بالكثير من اليأس والإحباط وفقدان الشغف بممارسة موهبة الرسم”.

لكن بعد فترة فكّرت الفنّانة الشابّة في طريقة لتبديد اليأس وللترويح عن الأطفال وللتخفيف من التوتّر الّذي يعيشونه جرّاء الحرب، ما دفعها لإطلاق دورة لتعليمهم فنون الرسم، وفق قولها.

وتوضّح أنّها نجحت من خلال هذا التدريب في “تعليم عدد من النازحين فنون الرسم، حيث باتوا ينتجون لوحات جميلة”. وتشير إلى أنّ الأمر ساعدها في استعادة شغفها بممارسة هواية الرسم، وشحنها بالطاقة الإيجابيّة مجدّدًا.

وتصف الخطوات الأولى لتعليم الرسم بأنّها “صعبة”، خاصّة تحت ظروف استثنائيّة يعيشونها أبعدتهم عن استخدام الأقلام لأكثر من 9 شهور، وفق قولها.

وتتابع وهي تساعد إحدى الفتيات على إجراء بعض التعديلات على رسمتها: “الجميع يمارس هواية الرسم بشغف وفرحة”.

تقول صيدم إنّ النازحين لجأوا للتعبير عمّا يدور في أذهانهم من خلال رسوماتهم ما ساعدهم في تخفيف الضغط النفسيّ.

وانعكست الحرب على تلك اللوحات الّتي اتّسمت بعضها بطابع حزين وجسّدت حالة “الدمار والقتل والمأساة الّتي يعيشها سكّان القطاع جرّاء استمرار الحرب”.

وتضيف صيدم عن ذلك: “كلّ فلسطينيّ من غزّة له قصّة أو حكاية معيّنة يمكن أن يحد±ث الآخرين بها، لكن بطريقته إمّا بالكتابة أو الرسم أو الغناء أو بالكلام”.

تواجه صيدم الكثير من التحدّيات والصعوبات خلال تنفيذها المبادرة، في مقدّمتها توفير أدوات الرسم من أقلام وأوراق وألوان. وتقول إنّ أدوات الرسم تتوفّر بصعوبة في غزّة وسط ارتفاع ثمنها بشكل مضاعف جرّاء إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع.

وفي مراكز إيواء مختلفة بقطاع غزّة، يعيش نحو 2 مليون نازح فلسطينيّ ظروفًا صعبة يفتقدون فيها لسبل العيش الكريم، فيما تنتشر بينهم الأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ ونقص المياه والغذاء وانخفاض مستوى النظافة.

الفتاة زين أبو عيدة إحدى النازحات اللّواتي التحقّن بمبادرة تعلّم الرسم، تقول للأناضول إنّها تجد في الرسم أداة لتفريغ الطاقة السلبيّة والهروب من واقع الحرب المرير، والتخفيف من تداعياتها القاسية.

وتضيف أبو عيدة (20 عامًا) النازحة من شمال غزّة: “هذه المبادرة ساهمت بتخفيف صعوبات الحياة، كما بدّدت مشاهد الدمار والقصف الّذي تختزنه أذهاننا، فضلًا عن تشتيت حالة الخوف اليوميّ الّذي نحياه”.

وتعتبر أنّ “التعلّم والمشاركة في كلّ ما يمكن أن يشكّل إضافة جديدة، أسلوب من شأنه خلق حالة من التحدّي لممارسات الجيش الإسرائيليّ الّذي يحاول تدمير كلّ سبل الحياة لدى الفلسطينيّين”.

وتكمل: “هكذا نعبّر عن وجودنا وأنّنا ما زلنا أحياء، نعبّر بالرسم وننقل المعاناة للعالم”.

وتضيف وهي ترسم وسط زميلاتها، وتبكي حزنًا على الواقع الصعب: “إسرائيل دمّرت مستقبلنا بالكامل، وما زالت تواصل تدمير كلّ ما هو جميل في قطاع غزّة”.

تصف أبو عيدة الواقع بأنّه “مرير”، قائلة: “لا يمكن وصف هذا الشعور الأليم، نزحنا إلى جنوب غزّة ووالدي ما زال في الشمال يعاني الحرب والجوع، لكنّنا رغم ذلك سنتعلّم ونرسم ونزرع الأمل”.

وتطالب الفتاة المجتمع الدوليّ بـ”التدخّل العاجل لوقف الحرب الإسرائيليّة المدمّرة”.

وتتساءل باستنكار: “ألا يكفي 9 أشهر من القتل والدمار والتهجير؟! لماذا نعيش هذه الظروف، في حين أنّ باقي العالم يعيش حياة طبيعيّة يدرس ويلهو ويتعلّم ويفرح ونحن نعيش حربًا قاسية؟!”.

ومنذ 9 شهور تشنّ إسرائيل حربًا مدمّرة على غزّة بدعم أمريكيّ، خلّفت نحو 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيّين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدوليّ بوقفها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدوليّة بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتّخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعيّة، وتحسين الوضع الإنسانيّ المزري بغزّة.



[ad_2]

Source link